أراد الاحتلال الإسرائيلي الانتقام من المرأة الفلسطينية، وكسر إرادتها، ولكنها مع ذلك لم تتأخر أو تتراجع في أي مرحلة من مراحل النضال الفلسطيني، فنجدها دوما مبادرة متقدمة، وليس أدل على ذلك من الدور الذي تلعبه اليوم في انتفاضة القدس، فلم تكن أم الشهيد، أو زوجة الأسير فحسب، بل كانت هي نفسها الفدائية، والشهيدة، والأسيرة، وإذا كانت المرأة لم ولن تهزم، فالشعب إذن لن يهزم؛ لأنها أحد أهم عوامل الصمود والبقاء.
ولم يكن نضال المرأة الفلسطينية منذ عهد الاحتلال الاسرائيلي وحسب انما ساهمت بشكل بارز في المقاومة الفلسطينية بكافة اشكالها العسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية منذ أن سقطت فلسطين تحت الاستعمار البريطاني فالاسرائيلي وحتى يومنا هذا سطرت اسمى آيات النضال والكفاح. والبارز في نضال المرأة الفلسطينية كان منذ عشرينات القرن الماضي تأسيس الجمعيات والمؤسسات التي تعنى بالأيتام والجرحى والمهجرين ، ما يدل على تنبه المجتمع الفلسطيني مبكرا، لأهمية الرعاية الاجتماعية والنفسية، فهي باب من أبواب المقاومة، ولها دور مهم في استمرارية العمل المقاوم، فعندما يدرك المقاوم أن هناك من سيعتني بعائلته في حال وقوعه في الأسر، أو استشهاده، فإن ذهنه سيكون مرتاحا، وسينعكس ذلك على الأداء المقاوم كما ونوعا .
من أبرز المناضلات الفلسطينيات كانت احدى رائدات العمل النسوي الفلسطيني زليخة الشهابي من مواليد عام 1901 في القدس من أسرة مقدسية مناضلة وكان والدها من أعيان القدسالمعروفين؛ حيث شغل عدة وظائف إدارية عليا في العهد التركي، وفي عام 1927 تولى رئاسة بلدية القدس.
وكانت زليخة شهابي قد شاركت بفاعلية في النضال الوطني عبر التاريخ الفلسطيني، هي أول من شكل أول اتحاد نسائي فلسطيني بهدف مناهضة الإنتداب البريطاني (1921)، وأول من قادت مظاهرة نسائية احتجاجاً على اعتقال عدد من قادة الثورة الفلسطينية، وشاركت في تأسيس الاتحاد النسائي العربي (1944)، وأنشأت مستوصف الاتحاد النسائي الطبي للعناية بالحوامل ومركزاً لرعاية الأطفال ومركزاً لتعليم التطريز والخياطة للفتيات (1950).
قبل نكبة عام 1948.
شاركت زليخة الشهابي بفاعلية في النضال الوطني عبر التاريخ الفلسطيني؛ ففي عام 1921 شكلت أول اتحاد نسائي فلسطيني؛ بهدف مناهضة الانتداب البريطاني، والوقوف في وجه الاستيطان الصهيوني، وفي فترة لاحقة تم تشكيل "لجنة السيدات العربيات" عقب عقد مؤتمر عام في القدس في شهر تشرين الأول (أكتوبر) 1929، حضرته 300 سيدة من كافة أنحاء فلسطين لتقديم احتجاج إلى المندوب السامي البريطاني ضد الهجرة اليهودية إلى فلسطين، ثم تفرغت مع رفيقاتها للعمل بجمع المساعدات وتوزيعها على المجاهدين وعلى المصابين وعائلاتهم، كما أسهمت مع السيدة ميليا سكاكيني في القدس في تنظيم حملة مجانية لتعليم الفتيات العربيات مبادئ القراءة والكتابة، وفي عام 1936 أسهمت في تأسيس الاتحاد النسائي العربي في القدس، وقادت أول مظاهرة نسائية توجهت لمقابلة المندوب السامي البريطاني للاحتجاج على اعتقال عدد من قادة الثورة الفلسطينية وإبعادهم في تلك السنة.
أما جمعية الاتحاد النسائي العربي، فساهمت كما تقول الموسوعة الفلسطينية، في إعداد مستشفيات طوارئ في العيزرية وجبل الزيتون؛ لمعالجة جرحى النضال الفلسطيني عام 1948، إضافة إلى إعداد وجبات طعام للمناضلين، كما ساهمت في رعاية عدد من أبناء الشهداء والأيتام في المدارس الأهلية على نفقتها.
بعد نكبة عام 1948
في عام 1950 أنشأت في القدس مستوصف الاتحاد النسائي الطبي للعناية بالحوامل، ومركزاً لرعاية الأطفال، وتبع ذلك إنشاء روضة أطفال، ومركز لتعليم التطريز والخياطة للفتيات.
وقد أسهمت في إنشاء "جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية" في القدس ،أما في عام عام 1952م أسست بمشاركة إليزابيث ناصر و هند الحسيني، دار للفتيات المشردات، اللواتي يكسبن لقمة العيش من خلال ظاهرة التسول، فلعبت تلك الدار دوراً رئيساً في وضع حد لهذه الظاهرة، حيث أمنت للفتيات حياة كريمة، بتوفير ملاذ آمن، وأكسبتهن مهارات تساعدهن على العمل في المؤسسات، أو ليصبحن زوجات صالحات.
كما أسهمت بتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية؛ كونها رئيسة للاتحاد النسائي، وأسهمت أيضا مع باقي سيدات القدس في تأسيس لجنة الإسعاف التابعة للجنة المقاومة الشعبية التي تشكلت قبل عدوان 1967، وأسهمت في إنشاء دار للمسنين في أريحا، وظلت تتابع نشاطاتها الوطنية والخيرية وعملها رئيسة للاتحاد النسائي العربي في القدس، حتى أقعدها المرض في أواخر حياتها، وتوفيت في القدس في عام 1992م.
عام 1968 تم إبعاد زليخة الشهابي -رئيسة اتحاد الجمعيات الخيرية لمحافظة القدس، ومؤسسة جمعية الاتحاد النسائي العربي في القدس- و كانت بذلك أول المبعدات المناضلات عن أرض الوطن .