
إعلام محافظة القدس –أعربت محافظة القدس عن إدانتها الشديدة واستنكارها البالغ لاستمرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي في الدفع قدمًا نحو المصادقة على ما يُعرف بمخطط "الخط البني" للقطار الخفيف في مدينة القدس المحتلة، وتؤكد أن هذا المخطط يُشكّل مشروعًا استيطانيًا إحلاليًا خطيرًا، يُمثل امتدادًا مباشرًا لسياسات التهويد الممنهجة، وفرض السيطرة الإسرائيلية الكاملة على المدينة المحتلة، ويهدف إلى تكريس ضمّها القسري إلى المنظومة الإدارية والتخطيطية الإسرائيلية، بما يتناقض بشكل صارخ مع أحكام القانون الدولي، وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة.
وحذرت محافظة القدس، في بيان اليوم الأحد، من أن هذا المخطط لا يندرج ضمن إطار تحسين البنية التحتية أو تقديم خدمات مدنية، بل هو اعتداء صارخ ومنهجي على الأرض الفلسطينية وعلى الوجود الفلسطيني التاريخي في المدينة، ومحاولة لفرض وقائع أحادية الجانب بالقوة، خارج أي مسار تفاوضي، لتكريس خارطة المصالح الاستعمارية الإسرائيلية، وخاصة في مدينة القدس، وذلك في سياق سعي الاحتلال لحسم قضايا الحل النهائي – وفي مقدمتها وضع القدس – باستخدام أدوات التخطيط والتنفيذ الميداني، بما يقوّض بصورة منهجية أي فرصة لتحقيق سلام عادل وشامل، ويُجهض حل الدولتين، ويمنع قيام دولة فلسطينية ذات سيادة، مترابطة جغرافيًا، على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
وبحسب ما رصدته محافظة القدس، فإن ما تُسمى "اللجنة اللوائية للتنظيم والبناء" التابعة للاحتلال في القدس من المقرر أن تناقش خلال الأسبوع المقبل هذا المخطط، الذي يُعد جزءًا من المرحلة التمهيدية لإنشاء خط القطار الجديد المعروف بـ"الخط البني"، ويهدف إلى ربط "المنطقة الصناعية" في مستوطنة "عطروت"، شمال القدس، بقرية صور باهر الواقعة جنوب المدينة، مرورًا بعدد من الأحياء والمناطق الفلسطينية في القدس الشرقية، تشمل رأس العامود، وجبل المكبر، وباب العامود، وبيت حنينا، والبلدة القديمة، وذلك من خلال ثلاث مراحل رئيسية (شمالية، وسطى، وجنوبية).
وأشارت المحافظة إلى أن الخط البني يُعد واحدًا من خطوط شبكة القطار الخفيف في القدس، والتي توسّعها سلطات الاحتلال بشكل متسارع في إطار مخططات تهويد المدينة وربط مكوناتها الجغرافية والديمغرافية ضمن منظومة استيطانية واحدة. وتُشير الوقائع إلى أن الخط الأحمر يعمل حاليًا بين حي "نفيه يعقوب" في شمال شرق القدس، ومستشفى "هداسا عين كارم" في جنوبها الغربي، مرورًا بشارع يافا. وفي غضون الأشهر القادمة، يُتوقّع تشغيل الخط الأخضر، الذي سيمتد من "حي جيلو" جنوبًا حتى "حي التلة الفرنسية" شمالًا. كما بدأت مؤخرًا أعمال تنفيذ الخط الأزرق، الذي سيربط "حي راموت" في الشمال الغربي "بحي جيلو". وسبق أن تمت المصادقة في "اللجنة اللوائية" على الخط البنفسجي، الذي سيصل بين "مستشفى هداسا عين كارم" في الغرب و"حي أرمون هنتسيف" شرق المدينة. إضافة إلى ذلك، يُخطط لإنشاء الخط الأصفر، لربط "حي المتاحف" وباب المغاربة قرب حائط البراق، في محيط البلدة القديمة.
وأضافت المحافظة أن مخطط "الخط البني" سيربط أحياء القدس الشرقية من الشمال إلى الجنوب، عبر مقطعين رئيسيين: المقطع الشمالي يبدأ من "عطروت" شمالًا، حتى باب العامود، ويعتمد جزئيًا على مسار "الخط الأحمر"، وخاصة بين محطة "شيفتي يسرائيل" وبيت حنينا، ومن ثم يواصل شمالًا على طول طريق رام الله (الشارع 60 القديم) حتى "المنطقة الصناعية في عطروت". ويتضمن هذا المقطع تسع محطات جديدة، إلى جانب التوقف في سبع محطات قائمة تُستخدم حاليًا فقط من قبل "الخط الأحمر". ووفقًا للمخطط الإسرائيلي، فإن هذا المقطع هو الذي سيُخطط ويُنفّذ أولًا.
وفي هذا السياق، أكدت محافظة القدس أن هذا المشروع، بجميع تفاصيله التقنية والمكانية، لا يُمثّل سوى وسيلة استعمارية لبسط سيطرة الاحتلال على المدينة وتعزيز عزلها عن محيطها الفلسطيني، وتفريغها من مضمونها الوطني، العربي، والتاريخي، وتغيير هويتها وطابعها القومي والديني.