أصدرت محافظة القدس تقريرًا يوثق الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة القدس منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 وحتى الحادي والثلاثين من آب/أغسطس 2025. ويشير التقرير إلى أن الاحتلال استغل انشغال العالم بالحرب على غزة وتقاعس المجتمع الدولي عن ردعه، لتكثيف سياساته الاستعمارية الهادفة إلى تهويد المدينة وتغيير طابعها الديمغرافي، بما يرقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وجاءت أبرز الانتهاكات كما يلي:
• 94 شهيدًا: عمليات الإعدام الميداني وقتل المدنيين العمد تمثل خرقًا صارخًا للمادة (147) من اتفاقية جنيف الرابعة ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وتصنَّف كجرائم حرب.
• احتجاز جثامين 47 شهيدًا مقدسيًا منذ عام 1967 وحتى الآن: استمرار الاحتلال في احتجاز جثامين الشهداء يمثل جريمة غير إنسانية وانتهاكًا صارخًا للكرامة الإنسانية المكفولة بموجب القانون الدولي، وخاصة المادة (130) من اتفاقية جنيف الرابعة التي تلزم باحترام الموتى وتسليم رفاتهم لذويهم. كما يُصنَّف هذا السلوك ضمن العقوبات الجماعية المحظورة، ويُعتبر شكلًا من أشكال التعذيب النفسي لعائلات الشهداء.
• 2574 حالة اعتقال: الاعتقالات العشوائية والجماعية، خاصة بحق القاصرين والنساء، تمثل انتهاكًا للمادة (9) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وتندرج ضمن سياسة العقاب الجماعي.
• 706 حكمًا بالسجن الفعلي: الأحكام التي تصدرها محاكم الاحتلال العسكرية بحق المدنيين الفلسطينيين تفتقر إلى معايير المحاكمة العادلة، وتشكل أدوات قمعية مخالفة للقانون الدولي الإنساني، خاصة ما تعرف بالاحكام الادارية التي تتم بتوصية من اجهزة المخابرات والامن الداخلي الاسرائيلية بحجة وجود ملف سري، دون تقديم تهم محددة او ملف قانوني واضح.
• 166 قرارًا بالحبس المنزلي: هذه الممارسة القسرية تحرم الأفراد من حقوقهم الأساسية في الحركة والتعليم والعمل، وتشكل انتهاكًا لحقوق الإنسان المكفولة بموجب المواثيق الدولية.
• 18 قرارًا بالمنع من السفر: يمثل حرمان المقدسيين من حقهم في حرية التنقل خرقًا للمادة (13) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ويُستخدم كوسيلة عقاب سياسي.
• 251 قرارًا بالإبعاد: الإبعاد القسري عن القدس أو المسجد الأقصى يشكل انتهاكًا للمادة (49) من اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر النقل أو الترحيل القسري للسكان المحميين.
• 464 إصابة بالرصاص الحي والمطاطي: الاستخدام المفرط والمميت للقوة ضد المدنيين يُعتبر جريمة حرب، ويخالف مبدأ التناسب المنصوص عليه في القانون الدولي الإنساني.
• 719 عملية هدم وتجريف: تدمير الممتلكات على نطاق واسع، دون ضرورة عسكرية، يعد جريمة حرب بموجب المادة (53) من اتفاقية جنيف الرابعة، ويهدف إلى تهجير السكان قسرًا.
• 116,755 مستعمرًا اقتحموا المسجد الأقصى: هذه الاقتحامات الممنهجة، تحت حماية قوات الاحتلال، تعد انتهاكًا للوضع التاريخي والقانوني للأماكن المقدسة، واعتداءً على حرية العبادة وحقوق المسلمين في العالم.
وأشارت محافظة القدس إلى أن هذا التصعيد الممنهج يأتي ضمن سياسة واضحة لفرض التهويد على المدينة وإجبار أهلها على الهجرة الطوعية، في ظل إطلاق مشاريع استيطانية ضخمة تعكس إصرار الاحتلال على تقويض الوجود الفلسطيني في القدس، والقضاء على مشروع حل الدولتين، وانهاء حلم الشعب الفلسطيني بإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات حدود وجغرافيا مترابطة ومتصلة.
وطالبت المحافظة مجلس الأمن والأمم المتحدة والمجتمع الدولي والمحكمة الجنائية الدولية بتحمل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية تجاه هذه الجرائم، والانتقال من مرحلة الإدانة اللفظية إلى مرحلة فرض العقوبات والمساءلة القانونية بحق سلطات الاحتلال.
كما شددت المحافظة على أن هذه الانتهاكات المتواصلة تحتم على المجتمع الدولي الانتقال من مرحلة الصمت والإدانة الشكلية إلى اتخاذ خطوات عملية وملموسة، وفي مقدمتها الاعتراف العاجل بدولة فلسطين على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، والقبول الفوري لطلب فلسطين بعضوية كاملة في الأمم المتحدة، إذ أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية وعضويتها الكاملة في الأمم المتحدة يشكل مدخلاً أساسياً لتصحيح مسار العدالة التاريخية، وضمان حق الشعب الفلسطيني في الحرية وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة.